دليلك المختصر لتمكين
العمل عن بعد
رائد الغزالي اليعقوبي
مقدمة
الانتقال
من بيئة العمل في مقر المؤسسة إلى بيئة العمل عن بعد ليس سهلاً، و قد لا يناسب
جميع المؤسسات أو جميع الموظفين. لكن، من
منا لا يريد العمل من بيته، أو من مقهى أو خلال سفره ؟
قرار
كهذا ليس بيد الموظف، بل بيد المنشأة أو بيد من بأعلى الهرم الإداري، و لإقناعهم
لابد من توضيح بعض الأفكار عن العمل عن بعد.
بداية،
العمل عن بعد لا يعني أن الوقت مفتوح للموظف يعمل متى شاء، بل هناك دوام كامل بورديات متفاوتة حسب الحاجة. كما يعتقد كثير من الإداريين أن وجود
الموظف أمامه يعطيه تحكما أكبر في متابعة سير العمل, لما يتيحه من إتصال مباشر بالموظف وجهاً لوجه.
هذا
الإعتقاد قد يكون سببه غياب الأدوات التي تمكن الإداري من رؤية الإنجاز بحيث يصب
تركيزه على حركة الموظف، و لكن في نهاية المطاف، قد لا يكون هناك إنجاز بالصورة
المطلوبة، فوجود الموظف على مكتبه لا يعني بالضرورة أنه يعمل، و قد يعمل لكن لا
ينجز!.
في هذه
الحالة هناك ماهو أهم من مكان عمل الموظف سواء كان الموظف يعمل في مكاتب المؤسسة
أو يعمل عن بعد و هو وجود المتابعة، و وجود أدوات لإدارة المهام من جهة، و قياس
الإنجاز من جهة أخرى، فحتى لو لم تحبذ فكرة العمل عن بعد فتلك الأدوات لا تزال
مفيدة.
سنتحدث
هنا عن المؤسسات التقنية التي لديها مبرمجون , محللون , مصممون , مختبرون و مهندسوا أنظمة، كذلك يشمل المحررين و المحاسبين و كل من ليس له
احتكاك مباشر بالعملاء أو من يحتاج عمله إلى التعامل مع آلات.
مميزات و مساوئ العمل في مقر المؤسسة
والعمل عن بعد
كما سبق
و ذكرت في الأعلى، العمل في مقر المؤسسة قد يعطي شعوراً بالسيطرة والاطمئنان لدى
صاحب العمل بأنه لا يدفع الراتب سدى. بالإضافة
إلى شعوره بالحرية في تحريك بيادق العمل كيفما شاء و وقتما شاء. ذكرت في الأعلى أيضاً أن كثرة الحركة أو
الإنشغال لا تعني الإنجاز بالضرورة.
العمل في
مقر المؤسسة لا يستلزم من الإداري الإلتزام بإجراءات محددة و يعطيه مطلق الحرية في
اتخاذ القرارات و لا يفرض عليه أعباء كتحديد مهام فريقه مسبقاً و إسنادها لهم و
المتابعة الدائمة لهم.
بالنسبة للموظف
سآخذ هنا
مكانه و أسرد بعض المعاناة :
تبدأ
المعاناة من وقت القيادة نحو مقر العمل , الإزدحام
المروري , بعد المسافة , المواقف , التعرض للحوادث , التكلفة
المادية , احتمالات تعطل
السيارة , الضغط النفسي
بسبب القيادة و طول الطريق. و عند
الوصول للمقر، يحتاج الموظف خصوصاً التقني
إلى وقت للاندماج في المهام. هذا إن
لم يتعرض للتشويش و الإلهاء من قبل زملاء العمل أو العملاء. أيضاً لا تخلو بيئات العمل من الحساسيات،
فأضطر إلى مقابلة من لا أستسيغ، وقد تحدث مشاحنات. التقنيون عادة يكرهون الاجتماعات التي يعشقها أغلب الإداريين. هناك ايضاً عوامل أسرية أو اجتماعية تؤثر
على الموظف لبعده عن أسرته كالقلق في حال وجود مشكلة صحية أو غيره. ننتقل إلى بيئة العمل أو المكان نفسه ،
المكتب، الكرسي، نوع الجهاز, التجهيزات. هذه الأشياء تؤثر على أداء الموظف و لا نحتاج لنثبتها فالإداري هو أيضا
موظف و يعرف أهميتها.
بالنسبة للمؤسسات فهناك فوائد مثل:
- تخفيض
التكاليف من عدة نواحٍ :
○
عدم الحاجة إلى
استئجار او امتلاك مساحات عمل كبيرة و ما يرافقها من تكاليف التأثيث و الصيانة و
الكهرباء و الإنترنت و البرامج.
○
و بالنسبة
للتوظيف فهي توفر بدل المواصلات بدل السكن و ربما بعض الإكراميات
- العمل
عن بعد إذا تم بطريقة صحيحة يعطي المؤسسة شفافية و مؤشرا واضحا عن سير العمل
و تقدمه و المشاكل.
- توسيع
الخيارات في اختيار الموظفين، فقد يكون هناك موظفون أكفاء لكن في مدينة أخرى
أو دولة اخرى و لا يرغبون في الانتقال.
يمكن
الأخذ بجميع مساوئ العمل في مقر المؤسسة و ثم عكسها كفوائد للعمل عن بعد و العكس.
ركائز العمل عن بعد
هناك
ثلاث ركائز مهمة يعتمد عليها العمل عن بعد.
أولاً الفريق
وظّف أفضل
الأشخاص الذين تثق أنهم سيؤدون واجباتهم من دون متابعة و لا مراقبة و احرص على أن
يكونوا ممن يحب الكتابة اكثر من التواصل الصوتي. و ممن يحبون العمل في بيئة هادئة.
أشخاص
يعرفون كيف يرتبون أولويات مهامهم . هذا
طبعاً في حالة توظيف المستجدين ,
و لكن
أغلب المؤسسات لديها موظفوها و بالتالي علينا فقط توفير الأدوات و الإجراءات لهم.
بالإضافة
إلى تدريبهم على كيفية استخدام تلك الأدوات و مساعدتهم.
ثانياً : الأدوات
لا توجد
أدوات مخصصة للعمل عن بعد، فهي نفسها الأدوات التي تستخدمها المؤسسات للعمل داخل
مقراتها، لكن ميزة هذه الأدوات انها مرتبطة بالإنترنت و لا تحتاج أن تكون ضمن
الشبكة الداخلية للمؤسسة.
و من
أمثلة تلك الأدوات :
سلاك
يعتبر التطبيق الأول للتواصل لكثير من المؤسسات، أشبه بالواتساب و لكن مع مميزات
أكثر
فمثلا
خاصية البحث به متقدمة
بعكس
واتساب حيث يمكنك البحث بالمرسل أو المستقبل او التاريخ يمكن تقسيم سلاك إلى قنوات
للتواصل حول موضوع أو مشروع معين و يمكنك أن تستدعي لها أشخاص معينين. أيضاً يمكنك إرسال رسائل خاصة مثل واتساب
ومشاركة ملفاتك من Google Drive او Dropbox
كما يمكن
إرسال الإشعارات و تخصيصها لاستقبال إشعارات بشأن شيء أو حدث معين تهتم به.
أيضاً في
النسخة المدفوعة يمكن عقد اجتماعات بين فريق العمل بالصوت و الصورة.
سلاك
يذهب إلى أبعد من ذلك حيث يتيح إمكانية التكامل مع الأنظمة بحيث ترسل الإشعارات
مباشرة من برامج مثل VisualStudio او Azure DevOps لتعلمه بأن التطوير انتهى ليخبر الTesters و يمكن من خلال Slack اعطاء الموافقة على الDeployment عبر رسالة من الشخص المخول بذلك. هذا للمؤسسات التي لديها DevOps حقيقي. هناك خيارات أخرى مثل Fleep,
Microsoft Teams, Workplace, Flock. Ryver, Wire
منصة ProofHub منصة متكاملة لإدارة
المشاريع حيث يمكنك تقسيمها إلى مهام، ثم إدارة تلك المهام بإسنادها للموظفين مع
إعطاء وقت مُقدر للتسليم و احتساب الوقت. ايضاً
توفر لك أداة لإدارة المستندات و مراجعتها، مع حفظ كامل للتغيرات التي تمت عليها. يمكنك التحكم بانسياب العمل و إدارة
المهام بمنهجية Kanban . ايضاً تعرض المنصة رسوما بيانية للتقدم في العمل و نسبة الإنجاز، و تسهل
عليك تغيير الأولويات بالإضافة للتقارير و الروزنامة.
الخيارات
الأخرى :
Trello, Bascamp, Asana
الأدوات
المذكورة في السابق لها رسوم شهرية ليست بالكثيرة , لكن إذا كنت تدير عملك بواسطة ملفات إكسل مثلاً أو وورد و لا تريد أن
تتحمل تكاليفا إضافية فقد يكون Google
Drive مناسباً لك. فهو يوفر
اداة لإدارة المستندات بالإضافة إلى امكانية العمل عليها مباشرة لكن عليك أن تجهز
قوالب خاصة لإدارة عملك من خلاله.
.
منصة Azure DevOps تقوم بما تقوم به منصات
إدارة المشاريع لكن بما يخص المشاريع البرمجية.
العمل عن
بعد أسهل للمؤسسات التي تتخذ الDevOps منهجية لها, حيث أن اغلب العمليات مؤتمتة
على سبيل
المثال :
يستقبل
المطور المهام عبر الBoards بأسلوب Agile و Kanban,
جميع
الأكواد موجودة في الRepos و هو عبارة عن Git repositories
عمليات
البناء build و الdelivery تتم أتمتتها من خلال Azure Pipelines
يمكن عمل
خطط للTest من خلال Azure Test Plans
اذا كانت
هناك مكتبة للمشاركة مثل NuGet و npm فيتم مشاركتها عبر Azure Artifacts
يمكن
تصميم Dashboards تلائم العمل و مشاركة
المعلومات عبر الwikis
ايضاً
يمكن ربط Azure DevOps مع Slack او trello الذي تحدثنا عنه سابقاً.
.
منصة Jira أشهر من نار على علَم في مجتمع الـ Agile Development و الScrum هذه الإدارة خاصة بإدارة المشاريع البرمجية
أو بالأصح المنتج البرمجي بطريقة Agile و هي من نفس المؤسسة التي
أنتجت Trello.
يمكن لJira التكامل مع منصة GitHub لإدارة الأكواد و منصة Zephyr لإدارة جودة البرمجيات.
VPN
إذا كانت
هناك أنظمة على الشبكة الداخلية للمؤسسة و تحتاج إلى الدخول عليها فهنا تحتاج إلى VPN يمكنك من الدخول على الشبكة الداخلية للمؤسسة
لتتيح لك العمل و كأنك في مكتبك.
الVPN يمكن الحصول عليه بالطرق التالية .
الخيار الأول VPN Server
هناك مؤسسات
تقدم حلول و اجهزة Routers توفر لك الخدمة , مؤسسات مثل Cisco , Linksys و قد تحتاج إلى مهندس لتجهيزها و إدارتها.
الخيار الثاني VPN Service
هذا
الخيار لا يحتاج إلى شراء اجهزة و انما تتحميل برنامج في كل جهاز يحتاج للدخول
للشبكة
هناك مؤسسات
كثيرة تقدم خدمة الVPN مثل
Norton Secure VPN, ExpressVPN, IPVanish
VPN, NordVPN
هناك
اختلافات كثيرة بينهم، قارن و اختر المناسب لعملك. أسعار تلك الخدمات متفاوتة و اغلبها اقل من 10 دولارات شهرياً.
الخيار الثالث
خدمات الـ Remote Desktop
هذه
الطريقة تتم من خلال تنزيل برنامج على جهاز الموظف تمكنه من الدخول عليه و
استخدامه من خلال الإنترنت. من
البرامج الشهيرة في هذا المجال.
LogmeIn, TeamViewer, AnyDesk, Splashtop
أدوات أخرى
يمكن
تخزين الأكواد و مشاركتها عن طريق GitHub
و 1Password لتوحيد كلمات المرور للدخول
للأنظمة.
ايضاً Quip منصة رائعة لإدارة المشاريع و المبيعات و
مشاركة الملفات و الخطط.
منصة zoom ممتازة و سهله للاجتماعات
و helloSign تقدم خدمة التوقيع
الالكتروني
و Help Scout للدعم الفني و خدمة العملاء .
ثالثاً : الإجراءات.
لاحظ أن
الأدوات السابقة مهمة حتى لو كان الموظفون يعملون في مقر المؤسسة , هذه الأدوات تختصر عليك الكثير إن أردت
تطبيق الAgile او DevOps و تساعدك ايضاً في التحول الرقمي لمنشأتك.
●
ابدأ بحصر
الواجبات و المسؤوليات لكل موظف , كل مدير
يحصر عمل موظفيه ,
ما الذي
يمكن تأديته كاملاً عن بعد, مالذي
يمكن تأدية بعضه, وما الذي لا يمكن
تأديته عن بعد.
●
حدد فرقا للعمل
عن بعد، و الفرق في مقر المؤسسة للأعمال
التي لا يمكن تنفيذها إلا من مقر المؤسسة و حدد ساعات تواجده بما يتناسب مع أوقات
الموظفين عن بعد. البيانات الناتجة
من هذا العمل ستفيدك في النقاط اللاحقة.
●
جهّز مستندا به
سياسة واضحة لمنشأتك بخصوص العمل عن بعد تتضمن الأحكام و الإجراءات و الأدوات. كسياسة السرية , تبادل البيانات, أيام و ساعات العمل , ساعات الحضور إلى المقر , طرق التواصل, طريقة قياس الإنتاجية. و أبق الموظفين في تحديث معرفي عن ما يتم
على تلك السياسات من تعديل اولاً بأول.
●
وفّر الأدوات
اللازمة لتسهيل عمل الموظفين عن بعد كالتي ذكرناها في النقطة السابقة.
●
وفر للموظفين
التدريب المناسب سواء بالحضور أو عن طريق الإنترنت لتعلم كيفية التعامل مع تلك
الأدوات.سواء للمدراء و
قادة الفرق أو للموظفين. تلك
الأدوات هي أيضاً أدواتك التي تقيس من خلالها سير العمل والتقدم فيه.
نصائح لإنجاح التجربة
للموظف:
●
تأكد أن لديك
جهاز كمبيوتر بمواصفات جيدة مناسبة للعمل.
●
تأكد من وجود
خدمة إنترنت مستقرة يمكن الاعتماد عليها لأداء مهامك.
●
إذا كنت ستستخدم VPN تأكد من أن جهازك محمي بشكل كاف, راجع مسؤول الأمن في إدارتك.
●
تأكد انه يمكنك
الوصول إلى بريدك الإلكتروني.
●
اغلب المؤسسات
لديها IP Phone اطلب من قسم الIT لديك إعطائك صلاحية تشغيله عبر الكمبيوتر.
●
حاول أن تجهز
مكانا معزولا و هادئا في بيتك أو مقر إقامتك مخصصا لمباشرة عملك.
●
التزم بساعات
الدوام المقررة من قبل المؤسسة و إذا كانت مفتوحة رتب نفسك.
●
أبعد عن مكان
عملك أي مشوشات مثل التلفزيون، مواقع التواصل الاجتماعي, ركز في عملك.
●
رتب اولوياتك , ما تريد ان تقوم به اولاً حسب الأهمية.
●
كن مستعداً
لإجراء محادثة مرئية , كن بمظهر
لائق دائماً.
●
تابع تقدمك عبر
المؤشرات التي يتيحها لك البرنامج، قد تصاب بشعور غير حقيقي أنك لا تنجز كونك في
بيتك.
●
تعامل في مكان
عملك داخل بيتك كما لو أنت في المكتب , لا تسمح
للأصدقاء أو العائلة إشغالك بأمور لا تستحق.
●
ناقش مشاكلك مع
مديرك في حال انشغالك أو عدم قدرتك على إنهاء المهام في وقتها.
●
خذ وقتاً للراحة
بين فترة وأخرى.
للمدير:
في بيئة
العمل عن بعد, يقع الحمل الأكبر
على المدراء أو قادة الفرق فعليهم أن :
●
يحددوا توقعات
واضحة من الموظفين فيما يخص مجال العمل و وصفه.
●
ترتيب المهام حسب
أولويتها.
●
توفير وسائل
تواصل للموظفين مع الأشخاص المعنيين في حال حدوث مشكلة.
●
تحديد ساعات و
أيام العمل الأسبوعي لهم.
●
تحديد أوقات
تواجدك و متى يتصلون بك.
●
توفير الأدوات
اللازمة للتواصل و تسليم العمل، و توفير المواد التدريبية اللازمة للتعامل مع تلك
الأدوات.
●
راقب مؤشرات
الأداء للمشاريع بصورة مستمرة بدلاً من مراقبة الموظفين أنفسهم.
●
ثق بموظفينك، لا
تتدخل في الأمور التفصيلية الصغيرة
●
عزز ثقة موظفيك
بتقوية ارتباطهم بالمؤسسة , فالعمل
عن بعد قد يشعرهم بعدم الانتماء.
●
كن واضحا و صريحا
مع الموظفين بإطلاعهم على وضع المشاريع، والمشاكل التي تمر بها.
●
لا تتوقع ما لا
تطلبه، اخبر موظفيك متى عليهم إبلاغك بالتقدم في العمل، لحظياً، كل ساعتين، يومياً
أو اسبوعياً..؟
دام لكم البشر....
الاستاذ/رائد الغزالي اليعقوبي
دام لكم البشر....
الاستاذ/رائد الغزالي اليعقوبي
